الخميس، 17 مايو 2007

يا أميرة..!

بقلم مجدى الجلاد صحيفة المصري العزيز اليوم

ماتت «أميرة» الصغيرة بضربة شمس، لأنها ابنتي وابنتك. فأنا وأنت اعتدنا، علي مدي سنوات طويلة، أن نساق أغناما في حشود ومواكب المسؤولين، يضعون في أيدينا أعلاما مزيفة ورايات الترحيب، ويرسمون علي وجوهنا أقنعة النفاق. ومع ذلك نقف مبتسمين ساعات وساعات حتي يمر المسؤول، ويلوح بيده الكريمة نحو «القطيع».

أنا وأنت مثل الأشجار التي تنمو في ليلة واحدة ترحيبا بالرئيس أو مثل السجادة الحمراء التي تنقل معه من موكب إلي موكب. ولكن الأشجار والسجاجيد الحمراء لا تموت بضربة شمس مثل أميرة البريئة.

الوزير جاي سيمر في دقائق معدودات علي قرية «الفلاحين» في قنا ولأنه وزير التربية والتعليم، فلابد أن تساق البنات الصغيرات إلي موكب الترحيب بسيادته والهتاف لإنجازاته غير المسبوقة في تطوير التعليم المصري

.. درجة الحرارة ٤٣؟!ليس مهما الشمس حارقة؟! مش مشكلة! الوزير يسري الجمل سيمكث دقائق والبنات سيقفن ساعات استعدادا لاستقباله؟! فيها إيه دا حتي البنات والأولاد عندنا أكثر من الهم علي القلب! «أميرة» لديها مشاكل صحية؟! ربنا سيمنحها القدرة علي الصمود لأنها في مهمة «مقدسة»! البنت داخت وتصببت عرقا ودارت بها الدنيا؟! شوية تعب وكله يهون من أجل سيادة الوزير!

خافت أميرة أن تقول لهم إنها تحتضر ليس لأنها قد تتلقي عدة ضربات بالعصا ولكن لأنها تربت علي الخوف ثم إنها تري في عيني وعينك الخوف كل يوم نتلقي الصفعات فنبتسم نري الفساد والفاسدين مثل الشمس فلا نتكلم نلمس بأيدينا القهر والقمع فنصمت فكيف تتجاسر أميرة الصغيرة علي مخالفة دأب الكبار؟!

الخوف لا يصنع شعوبا وإنما يمسخ قطعانا مشوهة والكرامة لا تُباع ولا تُشتري وإنما تُنتزع وحياة المواطن وكرامته وعزته أغلي وأقدس من كل المواكب وجميع المسؤولين من الرئيس إلي الخفير.

وفي كل دول العالم يمشي المسؤول في الشارع أو يذهب إلي مقصده في سيارة مصفحة، ولكنهم لا «يقتلون» الأطفال من أجل لافتة ترحيب ثم إن المواطن عندهم لديه كرامة يحميها الدستور والكرامة تمنحه كلمة «لا» وإذا لم يسمعوا منه «لا»، فلديه أصابع «يدبها» في عين المسؤول، لأن الأصابع في هذه الحالة لن تكون أصابعه وحده، ولكن أصابع المجتمع كله، الذي يري المسئول خادما له، وليس سيدا مالكا لـ«عزبة»، ورثها عن عائلته الكريمة!

يا أميرة أنت الآن عند الذي لا تضيع لديه المظالم والحقوق احكي له ما حدث فقط لحظات الوهن قبل السقوط، وتلاحق الأنفاس في صدرك الصغير، كيف كان الألم.. وكيف حاولت يا صغيرتي الاحتمال خوفا من شيء غرسناه بداخلك؟!

ولكن لا «تشكي» إلي الله يسري الجمل أو المسؤول الذي زرعك في موكبه فالاثنان أصغر من الشكوي والمظلمة والاثنان نتاج ثقافة ارتضيناها ولم نعارضها يوما قولي للمولي عز وجل إننا جميعا قتلناك نعم قتلناك بالصمت المخزي والهتاف في مواكب المسؤولين لا تحددي مسؤولا بعينه، فالله سبحانه وتعالي يعرفهم جميعا بعلمه الذي لم يؤته لبشر.

يا أميرة لا تغضبي من والدك إذا ضغطوا عليه لتغيير أقواله فهو مثلنا جميعا، يعيش في أرض الخوف أما أنا فلن أطلب من أحد أن يفتح تحقيقا شاملا في مُلابسات وفاتك فليس في مصر كلها من هو جدير بهذا الطلب.

***يا سيدنا عمر أين أنت { خفت أن يسئلنى الله عن دابة عثرت بالعراق : لماذا لم أعبد لها الطريق } أين أنم يا مسئولين هل تعرفون أنكم سوف تحاسبون أما الذي سوف يحاسب عمر بقانونه هو الذي لن يفرق بين محاسبة عمر ومحاسبتكم !!

الثلاثاء، 15 مايو 2007

الموت علي شرف يسري الجمل

لم تعرف أميرة «١١ عاما»، ما إذا كان الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم، يستحق التشريف أو الترحيب أم لا يستحق، لم تقع الفتاة الصغيرة في غرامه، حتي تخرج مهللة مرحبة بزيارته «التاريخية» لمحافظة قنا، ومدرستها المتواضعة في قرية كلاحين بمركز قفط، لم تعرف ما إذا كانت زيارة هذا الوزير مهمة أم عادية، ستؤثر في مسيرة التعليم وتنهض به أم ستمر بلا جديد مثل غيرها؟!

كل ما عرفته الفتاة الصغيرة، أنهم ساقوها مع زميلاتها في مدرسة «نجع معين» الابتدائية للوقوف في طوابير الترحيب والتشريف بـ«صاحب المعالي»، مثلما يساق عساكر الأمن المركزي، والمخبرون للعب دور المهللين لأي مسؤول.

وقفت أميرة في طابور التشريفة، لا حائل بينها وبين شمس الصعيد الحارقة، طالت وقفتها، وتصببت عرقا من كل مسام جسدها الصغير، وبينما مسؤولو التربية والتعليم مسرورون من نجاحهم في «تظبيط» الوزير، والأخير بدوره سعيد بزفة «النفاق» التي استقبلته، والابتسامات المصطنعة والكلمات المأثورة التي ترفعه إلي درجات الفاتحين والمصلحين، كانت أميرة تسقط مغشيا عليها، بعد أن أجهزت عليها «ضربة شمس»، وسلمت روحها البريئة الطاهرة إلي السماء.

خرجت أميرة صباح الاثنين ٧ مايو الجاري، والابتسامة تعلو وجهها كعادتها، وعادت في آخر النهار جثة هامدة، فارقت حضن أمها في الصباح علي أمل أن تعود إليه بعد نهاية اليوم الدراسي، لكن الأم المكلومة تقول: «فارقت ابنتي حضني إلي الأبد.. قتلها يسري الجمل ورجاله.. قتلوها».

الأب المجروح محمد عطا أحمد «٤١ سنة»، ينفي أن تكون ابنته عانت في أي وقت من مرض، ويقول: كانت البكرية علي ٣ أشقاء، لكنهم أوقفوها لساعات طويلة في الشمس الحارقة.. حتي ضاعت أميرة.

عمها ناصر عطا يروي تفاصيل المأساة: سقطت أميرة أثناء وقوفها في تشريفة الوزير علي الشارع المواجه للمدرسة، حملتها وأسرعت إلي الوحدة الصحية، وفشلنا طوال ٤ ساعات في إفاقتها، أسرعنا بها إلي مستشفي قفط المركزي، فوجئنا بعدم وجود طبيب مختص، وفي طريقنا إلي مستشفي حميات قنا كانت روحها قد صعدت إلي السماء.

أنهي يسري الجمل زيارته إلي قنا، وعاد إلي مكتبه في القاهرة، بينما كانت أسرة أميرة تصارع أحزانها، خصوصا حين جاءهم رد الفعل الرسمي الوحيد من إدارة المدرسة، خطاب يقول: «رجاء إفادتنا بشهادة وفاة الطالبة أميرة محمد عطا أحمد حتي يتسني لنا رفع اسمها من سجلات القيد بالمدرسة».

>>> لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

>>> وإذا المؤؤدة سئلت بأي ذنب قتلت <<<

>>> متي تحترم أدميت الإنسان المصري وكيف يدفعوا الطلاب للشارع للترحيب بالوزير ولماذا لا يذهب الوزير بنفسه لزيارة المدارس وتفقد أحوالها وهل يعرفون أن الطلاب والطالبات بعضهم لم يفطر وهل وزعوا عليهم في انتظار الوزير أكل وعصائر ومياه

>>> أخاف إن تعثرت دابة في العراق أن يسألني الله عنها أين أنت يا أبن الخطاب

>>> يارب خلص الشعب المصري من القهر والذل الذي يعيشه بأيدي أبنائه